المذكرة العاشرة

البحر أجمل ما يكون
لولا شعوري بالضياع
لولا هروبي من جفاف مدينتي الظمأى و خوفي
أن أموت
عريان في الأعماق أو في بطن حوت
إني أحاذر أن أموت
لما أفكر أن لي بيتاً و لي فيه عيال
لما أحس بأن في الدنيا جمال
يا أيها الفجر المشع و يا أصائل يا ليال
الشمس في الآفاق كالإيمان في قاع النفوس
و من القلوب المؤمنات
بالأرض و الإنسان تنبثق الحقيقة و الحياة
زرقاء صافية كعين حبيبتي عند اللقاء
كالفجر كالأمواج حين تنام كالأفق المضاء
و كما يشع النجم في كبد الظلام
يأتي الربيع من الشتاء
و غداً ستمطر غيمتي. و يذوب في الرمل الصقيع
و المجد للأسرار في القلب العظيم
و إلى المحبة للجميع
و إلى الربيع
في كل أرض في الشمال أو الجنوب
و المجد للمحار في كفي هدايا للعذارى الطاهرات
الحاملات جنين إنسان الحياة
القارع الأجراس في ليل الطغاة
يا بحر يا محار يا سحر الأصائل يا غداة
آمنت أن غداً سيشرق في بلادي و الحياة
ستدب حتى في الرمال
و من التشرد في البحار
سيشع في روحي النهار

مذكرات بحّار ١٩٦٢ للشاعر محمد الفايز ١٩٣٨-١٩٩١
بصوت الشاعر

بحّاري الحبيب؛
ليتني أستطيع أن أومئ رسالتي إليك، فأنا في هالة من الأمية و العجز. إن الصبر كظم يلي أو يسبق مصاب سوء و يناسب مصاب بعد، و أشده مقترن بالقتل، فالمصبور هو المحبوس بنية قتله، و هو يخط عبر الزمن مشوارين متوازيين أحدهما لليأس و الآخر للأمل. بحّاري الحبيب، مازالت البيوت تُهدم، و عيالك اعتادوا الرحيل، حتى من أنفسهم. أتمنى أن ترجع سالماً لتراهم.
يتوالى مُخاض المحّار فلا تكون اللؤلؤة، و أستمر في دعائي للبحر لعله يتوب، و للسماء لعلها ترحم