أشرف و عبدالله

Mad M سأل
"ما هى أكثر القضايا أهمية بنظرك" في نقاش فعلي الشخوص افتراضي الوسيلة، و العكس صحيح، فكانت هذه إجابتي و التي هي للأمانة أول ما طرأ على بالي

أهم قضية بالنسبة لي هي قضية أشرف و عبدالله

أشرف شاب طموح في الثلاثينات من عمره من مدينة كيرلا الهندية، عمل في دبي فترة، ثم انتقل إلى الكويت للعمل سائقاً في أحد البيوت التي يخدم فيها طباخ يُدعى حميد و قلت يُدعى لأنه ليس إسمه الحقيقي و لكنه ضحية الاستعمار العكسي في الكويت و تعريفه أن ننادي البلد الذي نريد استعماره إلى بلادنا على شان نعلمه ثقافتنا. حميد طباخ من زمن بعيد لكنه مجتهد حيث أن المتغدي يعرف ماچلة اليوم من مذاق الغداء، و لكن لا تقتصر مواهب حميد على الطبخ و إنما تتعداها لتلقيح النخل و الاهتمام به و خم الحوش في عز الغبار و مسح الكاشي في أثناء هطول المطر

و رغم كل هذه الشمائل الحميدة و رغم سكنهما في دار واحدة فإن أشرف لم يعِر الطباخ اهتماماً و لعل ذلك هو من أكبر أخطاء الشباب الطامحين فكان في المقابل يؤذيه و يعاسره حتى اشتكى حميد إلى السلطات العليا و اقترحت نقله إلى الديوانية الصغيرة في مدخل المكتبة ليبتعد عن أشرف و لغوته الذي بالرغم من عصبيته إلا أنه ذكي حاذق حيث أنه يشتري مالا يحتاجه البيت من مواد التموين مثل حليب البودر، و يبيعه على أصدقائه بثمن أعلى فهو بفطنته و خبرته يعلم أن تجارة الشاي حليب من أنجح الأعمال المحلية

و عاش الإثنان في سلام ممتنع إلى أن أتى حميد بزوج أخته عبدالله الذي تمنى أن يخلفه من بعده في هذا البيت، عبدالله شخص لا يهش و لا ينش و لكن بعض المشتغلين بالزرع عادةً يصيبهم داء التحلطم بسبب تعودهم على مواسم زراعية معينة في البيئة التي نشأوا بها تتلوها خيبة أملهم و يأسهم من فهم مواسم دولة الكويت. لقد سكن عبدالله مع أشرف في سلام فرضه حفظ وقار الطباخ حميد. إلى أن انتصف يناير و أعلن حميد عن موعد إجازته إلى دياره. انطفأت الألوان مع غيابه رغم الورود الجميلة التي بدأت تظهر من عناية عبدالله بالحديقة المنزلية. و خيم الصمت إلا من بعض الاحتجاجات من قبل أشرف الذي بدأ يكشف لنا محاولات تماديه علناً مهدداً بالذهاب للعمل في المالية لمعرفته ببعض الفراشين هناك

و الأسرة في حل هذا و ذاك من الخلافات البسيطة، إلى أن طلعت على المنزل شمس غير متكلفة و قررت مفاجأة البيت بأسره بصراخ ظنه أفراده عتاوية، و تبعته صرخة أسدية تحاول البت في الأمر. توقف جميع من في المنزل عن استكمال روتينهم و اجتمعوا في الدار التي تطل على المشهد يتسمعون. و التقط السامعون كلمات مثل

كافر! .....هندو!!! ....انت مو مسلم و شيئا عن دواء و أكل

و ظلوا يقذفون أنفسهم بأسماء الأديان المختلفة أو معارضتها إلى أن وصلت التحديثات تفيد بأن أشرف كان يحاول مهاجمة عبدالله بسكين، و عبدالله يحتفظ بعصاة و يحتمي بباب غرفتهما. ثم بعد استكمال التحقيقات و المشاورات تبينت للأسرة أقوال المتعاركين و لم تثبت صحتها: أشرف يتهم عبدالله بوضعه الحشيش في أكله و عبدالله يتهم أشرف بوضعه الصخر في أكله، ثم قيل بأن أحدهم يغصب الآخر على الاستحمام و الآخر يرد بأنه ليس قذراً ليستحم

و في اليوم التالي جاءت مونيكا و هي شابة هندية في أواخر الثلاثينات تحمل بيدها هاتف أشرف المحمول لتري المعزبة (ربة المنزل) رسالة مرسلة من أصدقاء عبدالله مذكور بها: "أشرف أنت موت"

و قد انتهت القضية بشجيرتين قلعتا من الجذور و أسندتا إلى السور، و لما استفسرت المعزبة عنهما شرح لها عبدالله أن أطفال الجيران دائما ما يقتلعوهما في الليل و يرجع يزرعهما ليقتلعوهما من جديد. و لكنها تعلم أن الشجيرتان زرعهما أشرف قبل ثلاث شهور

و ما زال الصراع قائماً بين المتسلط الطموح، و الأثول الكاروف