Thoughts

بداية أكتوبر



بداية القصة مكان مطلق و نهايتها زمان مطلق، نتغير سلوكيًا مع المكان و بيولوجيًا مع الزمان، نولد لأنه الوقت الطبيعي للولادة، و نبدأ بالمشي لأنه الوقت الطبيعي للمشي. و المكان يفضي إلينا بكيفيات التصرف. فمتى يكون الاختيار؟ و هل دافعه وهم؟ حدس؟ خيال؟ معيار سليم بالنسبة لنا، أم هي الرغبة الصرفة؟

اختيارات الإنسان في الحياة هي التي تغير المجتمع و عندما يرغب الإنسان بالتجرد من نمط سائد فإنه يصبح طوع لذته، أينما وجد اللذة في شيء ذهب مذهبه، أو قاومه أشد مقاومة. فاللذة هي المادة الأساسية للانتخاب الأخلاقي، لكن الكثير يطلبها كما الغاية أو يتعوذ منها كإبليس، لأن اللذة مؤلمة، ترى بها نفسك الحقيرة بكامل صراحتها، كالوقوع في الحب، كالولادة بلا مخدر، كالعري في مكان عام، كالخيبة التامة بلا مسكر. لكنها حتمًا ليست حقيقة تامة

اللذة هي محطة انتقال الأبعاد، الأبعاد التي هي أصل الأخلاق، و عندما تختار فإنك تحمل قلبك بقدر ما يحتمل العضل لذلك الشعور  بين النشوة و الألم، بين بعد و آخر، و الذي تتذبذب و ترتجف به قيمة كل شيء. ربما هنا تكمن العلاقة بين آدم الذي علمه الله الأسماء كلها، و بين حي بن يقظان الذي علمه الحيوان السلوك كله، لا أدري.

  المواجهة، المباشرة، أو المناظرة  بين شخصين هي من تجارب اللذة الصعبة، حيث لا تدري إن كان الآخر ما تواجه أم نفسك، هل هو الآخر ما تواجه أم صورة رسمتها عنه؟ إنك لن تجد جوابًا لهذه الأسئلة، لكنك تدرك قيمتها  و جدواها حال خوضها،   بعض العلاقات تسمو بك إلى نفسك، و بعضها للآخر، و منها ما تسمو بك لأبعاد أخرى، و احتمالات و أحلام

نحب تشخيص العلاقات بكل ما أوتينا من الاستعارات المكنية، و تظل الاستعارات تتحول على مر الزمن، أو ربما تنفد، أما العلاقة المطلقة فليس لها تفسير لغوي أو فعلي، ليس لها أعصاب زمانية أو مكانية، هي توجه كامل لا يحتمل الشك، لا أفهم ذلك.

تأملات ما قبل الصلاة

الحب فضاء به تسطع نجوم الهداية، إلا أنه يتمثل أحيانا كما الآلهة بصورتنا الإنسية، ربما هي الرغبة الزائلة في البقاء المكاني، و لأنها زائلة فهي إذن طارئة و عنيفة. و هو بهذا التمثل يكوّن هالة عالمية خاصة بموجودات هذا الحب، مثلما تعرفنا شيرين على هالة حبها فتسمي القلة قلة حبنا، و الصرصار صرصار حبنا

و في هذا العالم الخاص يولد دين الأبعاد الجديد و هو دين يشبه جمل باخ الموسيقية؛ لا يمكن أن يعيد نفسه، لكنه أبدًا في انسجام. و تعمل هذه الأبعاد عمل الأعصاب في شحمة العين؛ تجعلنا نرغب بالرؤية، و نرغب بما نراه أيضًا

ماذا ترتكب الحياة من خلالنا؟ مجموعة من الكائنات تتصل فيما بينها بحرب و حب، حشود من التصانيف التشاركية، صفوف من المصلين و منصات عليها الراقصون، و ليس في الوقت متسع للتفكير. يعتقد الناس أن الأمم السابقة فكرت كثيرًا، فكرت بما يكفي، و أننا الآن يجب أن نتحرك بلا تفكير. و كأن الماضي أو ما وصلنا منه هو عقل الإنسان الكلي

نحن لنا العجلة، و للمستقبل الألوهية، و أَلِهَ في لسان العرب تأتي بمعنى الحيرة، و النجوم تهدينا إن كنا في ضلال، لكن التلوث الضوئي في المدينة يمنعنا عن سبيل الهداية، الآن عواميد الإنارة تهدينا ، فكيف نحتار إلى عمود النور؟

إن الحب يجعلك تلمس الأبعاد و تتنفس الأماكن، يجعلك ناقص إلى كل الحواس فيصبح الجسد خط رحلة لبادية الشعور. لكن لا أرى في الحب كما يقولون ارتباطًا أبديًا، بل بالعكس أراه فضاء لغاية لا تنتهي، و مرآة لما الذي فيك يفكر

اجلس الآن بجانبي لنقرأ

دائرة


تأخذك الأيام على محمل الجد أحيانًا، تسمعك، تحاورك، تساومك، و لكنها تلعب بك حال تؤمن بدورانها.  مسكين من أضاف إلى الدورة الحياة، فهو يلحظ تتابع الإشارات و الأمارات، و يصل نقطًا في خياله منثورة، يظنه يلعب معها لكن هيهات

تدور الحياة، و على الظالم تدور الدوائر، كنت أتمنى دائمًا الحياة للأشرار، أتمناها لهم حتى تهرم الحياة أو يهرمون، لكن برغم الدورة، برغم الدائرة، يدور في البال ما ليس في حسبان البشر. يحملون رؤوسهم بين أكتافهم و يذهبون من مكان لآخر، باحثين عن سبب هذا الرأس المليء بالأسئلة

إن الأشياء التي نصنعها هي جزء منا، أقصد نحتاج أن نصنع جزءا منا مفصول عنا كي نكون عصريين. فنحن نأكل بالملعقة لا بأيدينا، ، نصنع جسمًا نسكن فيه، و نستخدم السيارة للحركة، نحن إذًا لا نتكاثر فقط بالولادة، نتكاثر بالأشياء التي نفصلها من أعضائنا

في الآونة الأخيرة أصبحت بصيرة بالحدود، فأنت لا تشعر بها إلا عندما تهزها أو تهزك، الحدود تشبه الجزيرة ، الخضراء، مجموعة من المباني لا تفرض معناها أو وظيفتها على الزائرين، كل شخص يلونها بطبعه، و كل طفل يسميها حسب قوانين لعبته

سَنِيــّـة

أسماء العرب تحمل معاني، أغلبها أوصاف أو أفعال، لكننا نسمي أبناءنا على أحد أجدادنا، فنضيع بين المسمى عليه و الفعل الحاضر مع اسمه. بعد أن يسميك أبوك على اسم أحد يقص عليك حكاياته، أهو نوع من الحنين إذاً؟

بعض الملابس تسمينا، بألوانها ربما أو بثنياتها، لكن الدجاجة المسكينة سماها صاحبها سَنِيــّـة؛ على زوجته التي قتلها لأنها لم تحضر له العشاء. الدجاجة سنية الآن هي التي تحضر العشاء

العائلة بيئة غير منطقية، لا نستطيع أن نتفاعل معها إلا بالإيمان أو الفكاهة. التجاور مريح، التجاور نسبة، لكننا نفضل أن نعرف عن هذه النسبة من الهاتف، أو ربما من الطباخ

الأكل متعلق بالعاطفة، أما الملابس فهي متعلقة بالفكر، ربما، لكن كلها توضع في خزائن، ثلاجة، حقيبة، فرن، معدة أو كبت أو أي نوع من أنواع الخبز

و كانت الناس إذا أرادت التعارف ذهبت إلى أحد الفنادق، أو راسلت مجلة ماجد

الصوت، الآذان، الراديو، التلاوة، التسميع، الإنشاد، الغناء، المساسر، الصراخ، المناداة، اليباب، الخطبة، الولولة، التنويمة، الحكواتي، الصوت/الموسيقى فن العرب و الفن قوة. 

وصوف الكلام و السمع هي الأكثر دقة و تفصيلاً عند العرب

و صارت الناس إذا أرادت التعارف ذهبت إلى مجمع، أو إلى موقع دردشة عبر الإنترنت

يا حبة عيني يا سَنِيــّـة

كيفية

أول مرة أخبروني بها أن الذين يفعلون الصالحات يُكافؤون عليها بالجنة، و الذين يرتكبون المعاصي يُعذبون عليها بالنار، فكرت ثم فكرت، فذهبت تحت طاولة الطعام و وضعت أرجل الكرسيين المتقابلين في فمي. كنت أريد أن أعذب نفسي بالدنيا كي لا يعذبني الله في نار الآخرة، أما الآن فلا أحتاج لكل ذلك، الجلوس على الكرسي يكفي

مسألة البريعصي

كيف يمتنع البريعصي عن الدخول من فتحة الشفاطة؟ و هل ممكن أن يحاول الدخول أثناء دوران الشفاطة لعدم ملاحظته أجنحتها -التي تختفي مع ازدياد سرعتها- فينتثر في أرجاء الحمّام أو المطبخ مقطعاً إرباً إربا؟ و إن كان هذا الاحتمال وارداً، هل سيكون البريعصي واضح الأعضاء أم أنه سينتهي غباراً تذروه المخمة؟ و كيف سيفلسف حياته إذا استوى نصفين أحدهما داخل البيت و الآخر في الخارج؟

Summer Selection

نظرية المعرفة، مع طفل

أولاً سنذهب لنأخذ مونيكا من الكنيسة
ما هي الكنيسة؟
هي مسجد المسيحيين
إذاً الهنود يذهبون إلى الكنيسة؟
الهنود المسيحيون يذهبون إلى الكنيسة يوم الأحد و الهنود المسلمون يذهبون إلى المسجد يوم الجمعة
هل نذهب إلى الكنيسة؟
لا، المسلمون يذهبون إلى المسجد، و المسيحيون إلى الكنيسة، و نحن مسلمون
و الذي يصلي في بيته؟
كل الناس يصلون في بيوتهم
ما يصير نصلي بالكنيسة؟
لا، لكن يصير تدخلها
أريد أن أدخلها
سنزورها يوما
يمكن ما تتذكرين
ما راح أنسى
و إذا نسيتي
أنت ذكرني
شلون ندق عليك؟
قل لأمك و هي تذكرني
ما هذا؟
أين؟
هناك فوق، باللون الأحمر
مكتوب: الله
الله يقعد فوق السطح؟
(صمت)
هذي الكنيسة؟
لا، هذا مسجد
...... هذي الكنيسة؟
لا هذا مسجد

نوادر الوجهاء

هناك العديد من الكلمات التي يستخدمها البعض زيادةً في الوجاهة، و هم من إذا قرأت لهم أسرعت، و من إذا سمعت لهم اختزلت، و هؤلاء اللطفاء مع الزمن شكلوا معجما من كلمات و تراكيب غريبة، و أوصلوا الوجاهة للفكاهة. اليوم -على غير العادة- قلبت في الجريدة علّي أجد ما يسليني من نوادر هذا الصنف العجيب، و إني أنقل هنا ما يتكرر على لسان الرجال من الوجهاء، و لنا مع الوجيهات جلسة أخرى

الأريحية: يستخدمها العديد و بكثرة عوضاً عن كلمة الراحة، و هي تعني الانبساط و الخفة
متشرذمون: لا توجد مشكلة لغوية و لكنها من نوادر الوجهاء
أيديولوجيا: تعني فكر، أو مذهب، أو منحى فكري لماذا أستخدم الكلمة الأجنبية كما أترجم إسم بقالة ؟ إلا إذا فعلاً تعذرت ترجمتها
دراماتيكياً: هناك العديد من الجمل و التعبيرات العربية التي تغني عن هذه الاستعارة
يعتبر: غالبا ما يستخدم الفعل للتحدث عن قيمة الأمر أو الشيء أو الشخص، و لكن الاعتبار في اللغة يعني الامتحان، و لهذا نقول ليؤخذ في عين الاعتبار أي نقوم بامتحان قيمته أو جودته، فلا نستطيع أن نقول يعتبر هذا النصب رمزا للقوة، فــ "يُعَد" هنا كفعل أسلم
التعسف: السير على غير هدى و الأخذ بغير طريق، و غالبا ما يساويه الكتّاب بالتعنت و هو إرادة المشقة للغير
الأنموذج: و هي النَّموذج و التي أصلاً معربة من الفارسية أو الهندية نمونه و الأنموذج في المعجم يرد على أنه لحن (أي تصحيف)
الحرية أسمى مبادئ إنسانية العالم: هل الحرية مبدأ أم مفهوم؟ الحرية ليست أساساً نقيم عليه قراراتنا، لأنها مفهوم متغير مع الزمن، و لكننا نستطيع تسميتها بالمبدأ ما أن يُنَص بها قانون
صاحب مبدأ: معناها أن الشخص ينص قوانين لنفسه، فيجب على قائل الكلمة أن يتأكد من صلاحية المبادئ لأنها قد تلتبس مع المفاهيم كما التبس على صاحبنا كاتب الجملة السابقة
في عوالم الغاب التي يتنادى لها أصحاب المصالح الضيقة ومن هم في مقاييس العدالة أشد ظلماً من سباع الوحوش الحيوانية: أنا أعترض على هذه الجملة جملةً، فعوالم الغاب أو بالأحرى الطبيعة تسلك نهج المصلحة العامة لا الضيقة و هي مصلحة نفعية تدور بها دورة الحياة، أما عن صنف "سباع الوحوش الحيوانية" فهذا ما لم أقرأ عنه يوماً في كتاب سواء كان خيالا أو حقيقة، فإما أن يكون المعنى فيه تشبيه جميع الوحوش الحيوانية بالسباع، أو اختيار فصيلة السباع فقط من الوحوش الحيوانية، لماذا قرر الكاتب إرفاق كلمة سباع؟ لا أرانا خصوصا في هذا العصر إلا وحوشا في انتهاكنا للطبيعة، فلماذا تنزه الإنسانية عن صفة الوحشية؟

تفضلوا و شاركوني في ذكر ما تيسر لكم في نوادر الوجهاء