عن فقدان الرغبة في الوصل

عندما لا يعود الذكر تجديداً للمشاعر إنما هدماً لها. فعل النسيان لا يصدق إلا بعد انقضائه. يستحيل على النسيان أن يكون غاية، فمحاولة النسيان غير ممكنة لأن المحاولة تستوجب الوعي، و النسيان يستوجب الغفلة. إن البعض يحاول النسيان بشرب مسكر مثلاً، أي الاستعانة بما يذهب الوعي، و لكن ذلك يجلب الإعياء -حسب اعتقادي- و الذكر أفعل من النسيان في الرتق و الفتق. الفلك يدور و الفيلم يدور. و في الدوران وصل، و في الطواف وصل، لماذا أرغب في الوصل؟

يقولون نسق أفكارك في ذهنك قبل أن يصل لسانك، لكن طبيعتي أن أكون جزءًا من حوار، إن سكت الجميع للاستماع لن يفهمني أحد، لا بسبب استرسال منطقي ميكانيكي، و لكن حديثي متقطع غير موصول. بعد أن استطعت صياغة الجملة السابقة عرفت أن الوصل يحدث لا يُفتعل، و نحن نكرر حتى يحدث، و التكرار ليس تشابه، و الوصل افتلات لا ارتباط

في قلبي صارت تتكاثر العيون، و أتمشى فيني بعدما كنت يادوب أرسمني، و لكن كيف أستطيع رصد الحركة، و كل شيء يستمر في التحول، إذا صورت ما أرى فيلماً لن يعرف أحد ظني بماهية شيء بعيد في الصورة قبل اقترابها، و إن لم يعرف أحد أني كنت أظنه شيئاً آخر غير حقيقته المعروفة، قد لا يظن أحدٌ شيئاً حتى يقترب


إذاً ما علاقة الجمال بجملة الأمر؟ و لماذا يُنصح بالصبر الجميل؟ برأيي أجدى أن أوصي بالتنفس، و بعض التمرينات العضلية، كتركيب مكتبة من ايكيا، أو إعادة ترتيب الكتب، الجمال و الجملة. قلت لها ذاك اليوم أنني أخشى أن تكون قوة قلبي لسبب يدعوني لقياس حدود هذه  القوة، ماذا سيحدث يا ترى جراء قوة قلبي؟

أسئلتي ليست على هامش انتظار، هي نظر فحسب، و الناظر هو مسؤول المدرسة، ناظر على مدرسة فهو ينظرها. فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور

عن فقدان مَلَكة الوصل

 أثناء الغيبوبة يكون الحلم أوقع، و بعد الصحو لا ندري لماذا، لا ندري لماذا و حسب. عندما نظن أننا نمشي في أرض غريبة على هدي نجم أليف نعي على سجادة تعصرنا بطياتها كلما اشتغلنا بها أكثر. تقول أحسن الظن. أقول متى أحسنته و حسُن الحال؟ أثناء الغيبوبة سؤال واحد يطول، يطول حتى فلت من دهاء الغيب. سؤال عن الحين

أيجوز يا شيخ التوضؤ بالأسئلة؟ هل يجوز يا شيخ؟ هل تعرفني يا شيخ؟

أتكرر كفقرات نص محفوظ في جوف السجادة. العالم يسعى للحرية، و العالم يسعى للهداية، إن الأمر صعب، لكن يقولون آمِن فآمنت. مايزال سعينا أجمعين دائر في أطوار الخيبة. جمهور المعاني يعاني، ما هي العلاقة بين الهداية و الحرية؛ الأولى ملك التجربة و الثانية ملك النفس؟ ربما

لقد فقدت ملكة الوصل، و كأن بين كل كلمة و ما يليها ساتر، فرقت ملابس كثيرة، و اشتريت أخرى، و انغمست في الثقافة السودانية، أترون كيف أكتب، هو ذلك ما أعني

هي حالة لا أستطيع فيها أن أستعير، أو أقتبس أو حتى أطير، كيف أصف؟ كيف أشرح؟ هي حالة رخوية؛ عضلة معقودة في محور الرخاء. لقد فات ديسمبر و لم أفهم. كيف أشرح؟ كان الرمل يتحرك على الطريق، يحرك الطريق. و أنا أفكر في الأغاني، إنتي و أنا من حقنا نفرح نطير زي الفراش لمكان بعيد ما زاره زول قبلنا، هكذا غنى هاشم ميرغني. وجوه كثيرة أراها للمرة الأولى و كلام كثير، لكن لا أدري إن كان شرحاً. هل يهتم هيكل المبنى القديم بوجوده بيننا؟ هل يقول شيئاً قبل هدمه؟ هل يحاول أن يبقى؟ المصور جاء معه سيدة أنيقة لاستخدام ذلك المبنى كخلفية من أجل إعلان تجاري، أو لمعرض للصور، معرض الصور هو مكان يحجزه المصور لكي يعلق فيه صوراً التقطها، و يزوره الناس لينظروا في هذه الصور، و إذا أعجبتهم زاوية أو  أو ضوء أو حدث تعكسه إحدى الصور اشتراها بثمن مكتوب في ورقة توزع عند الدخول

كما أن المطعم مبنى مليء بالطاولات و الكراسي، يذهب إليه الناس أو الزبائن لتناول الطعام مقابل مبلغ من المال، يقودك شخص إلى مكان يناسبك، يهتم صاحب هذه التجارة أن يوفر منظر جميل يحيط بالناس أثناء وجودهم. ربما بدأت فكرة المطعم لصعوبة بناء المطبخ، أو لمهارة الطباخ، قال لي والدي ذاك اليوم أنه لما زار القصيم كانت تنتشر رائحة الخبز وقت المغيب، لكن لا يوجد خباز واحد في القرية. الكل يخبز في بيته، أما سمر فقالت أن في جورجيا يستقبل أهلها السائحين في بيوتهم و يقدمون لهم الطعام مقابل المال. لا أذكر إذا قالت أن لديهم مطاعم أم لا لكن حتماً قليلة. الطاولات و الكراسي، ربما هم أناس أبطأ منا قليلاً

كان هنا مطعم، و كان بجانبه حلاق و جزار، كان صاحب المطعم مرحباً و الحلاق ثرثاراً، و الجزار متردداً متسائلاً، يخالني من مفتشي البلدية و الآن هي عمارة جديدة خالية من طوابق عديدة، لكن لا أحد يصرح بوجود العمارة الجديدة، الكل يقول: كان هناك مطعم. و ديار كانت قديماً دياراً سترانا كما نراها قفارا، هكذا قال جورج

لقد كلفتني مدرسة العلوم بنزع الأعشاب الضارة من حوض العصفر، "الضارة"، النباتات ثابتة لكن لها شوك و سم، مثل السور لكن قانون حمايتها يحميها من مجرد اللمس، و السور يحمي من محاولات العبور، كيف أشرح؟

حضور الوهم: استدراك

لقد كتبت يوماً هذه الكلمات في حالة غضب

عندما تعلمت أن القلم سلاح، بدأت به أزخرف الأنداد، ثم صار القلم يشهق روحي ليزفرها ريحاً عجيبة، فإما يكون قتالاً رائعا تتوهج به الدماء داخل الجسد، أو يكون الند محض نفّاخة؛ تحبس الهواء حتى تنفجر أو تذبل، و كلاهما موت. و إما ينفخها ناراً مقدسة، نورها أسطورة سماوية تبشر بدين التوحيد، أو تكون محرقة؛ تحترق بها الروح ليطير الند منطاداً

 و بعد أشهر من كتابتها، ربما بسبب الشمس (على قولة كامو) استدركت غضبي على نفسي حينها، و أسفت على تخيلي بأن في صب الغضب على الآخر طلاق من الغضب، فهو كما قلتُ  في الفقرة المقتبسة "بدأت أزخرف الأنداد" فعلاً زخرفت، أو تخيلت أولائك الأنداد، و استمرت علاقتي بهم تسهب في التوصيف و التحليل لأذكار في خيالي، و الذكر ما اعتدنا تذكره

هو أمر يرجعني إلى فكرة الند، عندما يصعب الصراع بين الإنسان و كل ما اكتسب، يتوهم شخصية، هي شخصية ممن حوله، لكنه يتوهمه حتى لو كان جالساً أمامه، لأن هذا الإيهام يرفي شقوق العجز جراء الصراعات، إن التوهم ليس هروباً من الواقع، فهو يكثف الحاضر، تتداعى له صروف الذاكرة لتلتصق بِشاشته

إن صورة إمداد الكتب للوهم تتجلى في شخصية كمال التي مثلها نور الشريف في فيلم قصر الشوق و في شخصية دون كيخوته التي كتب عنها ثربانتس. كلاهما مصدقان للكتاب، فنَصِف حياتيهما عادةً بالسذاجة، و لكني أراها صورة الوهم في الحاضر. كيف تكون الحياة مسرحاً كبيراً و في كل عقل مسرحية يبصر منها، و أحياناً يؤديها؟ لا أقصد طبعاً أن الحياة مسارح عدة، مللت من مسألة التعدد و التوحد، إنما الحين ما أقصد، الحين الذي سمى به دون كيخوته نفسه و خرج من بيته لابساً قلنسوة، الحين الذي قرر فيه كمال أن يُتم عذرية حبه، الحين الذي قال فيه السياب: مطر

   إذن ماذا يفعل الغضب؟ هل يجعلنا نركض مثل فوريست گمپ، أم ننتحر مثل بوعزيزي؟ هل هو نوع من الغضب أن أقدم للعمل بوظيفة حكومية في أحقر وزارات الدولة؟ ماذا أفعل؟ هو سؤالٌ  لا أطلب فيه حلاً إنما حيلة، الحلول لا تنفع، الحيلة أجمل فسلوكها بين سؤال و جواب، ها أنا أجيب الغضب بالحيلة، ما أضعفني، و ما أقدرني على الحياة

 إن القلم سلاح في نقد صادق، في جلاء فكرة، أو بداية إدراك، لكن القلم يصبح ريشة رقيقة عندما نتنفس أو نشك لا نستطيع به أن نهاجم. نعم، نغضب، لكن الغضب لن يغير أحداً، فهو يطير كالحمام ليرجع إلى برجه، التفاتاتنا هي التي تتغير، مشاهدنا تغير مراغبنا، تغيرنا، لذلك كان المحجوب و المكشوف

في عزلتي الموازية لأحداث العالم من حولي، خضت حروباً كثيرة في السنوات الثلاث الأخيرة، و عندما مر ربيع الثورات، مرت بي موجة الغضب، و للأسف فعلت مثل الثوار. ثرت على حاكم خارج كياني، أنا آسفة، و لكني غاضبة على نفسي التي لا تعرف الحرية، ما فائدة الحرية و العالم ينهار إلى الماضي أمام هذا الفضاء الافتراضي الذي نبنيه، أليست حياتي و أنا أتراسل بالبريد و أتحدث مع أصدقائي عبر الإنترنت أشبه بدون كيخوته الذي تشعر بعد الاستمرار في القراءة أنه مدرك لما يفعل و تنقلب صفة السذاجة عليك 

أجاهلة أنا إن لم أعرف الحرية؟ و لكنني أعرف أنني لا أعرفها. أهكذا تسير الأمور، مثلما الأمثال؟ هي الأمثال هكذا تماثل الأحداث حتى نطمئن. لكني لا أريد أن أغضب على غيري لكي أرتاح، و لا حتى أعرف لكي أرتاح، أريد فقط أن أفعل، فأنا كلما أقدم على فعل، يردني كتاب، في عزلتي أنا ما زلت أنتظر الحين؟ أما أنا للتو أعي من وهم عشته سنين جراء حين فات؟

عندما أبحث هكذا عن المعاني أرغب في تدليك جسمي

وين الجبلة؟

سؤال أسمعه دائما بصيغ مختلفة، فلقد سمعته مرة بصيغة "كيف نوجه بوصلتنا الإنسانية؟" أي مع من نتعاطف، أو "ما هو الاتجاه الصحيح؟" أو "إلى من ننتمي؟" و غالبا ما يسأل هذه الأسئلة من تعلم، أو اعتاد الالتزام. لماذا يكون هذا السؤال عالقاً في أغلب التجمعات الحوارية؟ كان هذا السؤال في ذهني إلى أن تذكرت حلاق المرقاب

فقبل بضعة سنوات و بينما كنت أصور في المرقاب خرج الحلاق من دكانه ليسألني إذا كانت هناك نية لتطوير المنطقة، فقلت له أني طالبة و أحضر لمشروع التخرج، فقال أن المدينة تحتاج إلى تطوير لأنها لم تعد واجهة جيدة لدولة الكويت، و مما قال أثناء استرساله أنه يعيش هو و أحد أصدقائه في شقة واحدة، فهو باكستاني لا يقبل أن يعيش مع عشرة أشخاص مثلما يعيش البنغلاديشي

إننا نعيش في منطقة تتكون بها جغرافيا سكانية مستمدة من تاريخ التركيب السياسي للدول المجاورة، و تقوم السياسة في الكويت منذ بداية سعي الشعب للديمُقراطية و سعي الأسرة الحاكمة لتحديد معايير التخطيط الحضري على أساس نسبة الكويتيين إلى غير الكويتيين، و لكن السعي للدولة الديمقراطية تزامن مع ظهور النفط و ازدياد أعداد المهاجرين إلى الكويت، حتى صار الكويتيون أقلية مع نهاية السبعينات و بداية الثمانينات

عندما ننظر إلى هذا النسق التاريخي -العام إلى أبعد حد- نكاد نجزم بأن سؤال "من هو الكويتي" ظهر من أجل المال العام. و سؤال "وين الجبلة؟" لا يريد إلا أن يحدد أكثر من هو الكويتي، ربما يحاول أن يضعه ضمن إطار أخلاقي، لكنه ما يزال يكرره

نحن نجتمع من أجل التواصل الفكري، لكن من نحن؟ نحن حاملو الجنسية الكويتية. أحياناً نرى في التجمعات الثقافية بعض الجنسيات العربية و بعض البدون، لكن العلاقة تظل محدودة بالرسمية بيننا و بين غير العرب، رغم تشكيلهم شريحة كبيرة من المجتمع و اعتمادنا عليهم بصفة دائمة. نحن لا نعلم عما إذا كانت هناك عقول هندية أو إيرانية نيرة بيننا، في سلك الإدارة أو العقار، و لا نتخيل إمكانية وجود كاتب باكستاني يعمل بيننا حلاقاً، أو سائق شاحنة بنغالي خريج علوم سياسية

إننا ننتقد التعليم في الكويت لكونه يحول النظرية إلى قطعية، و ننتقد في التدريس الديني أنه يحدد طريقاً محدداً للفوز برضى الخالق، فلماذا عندما نعارض هذا و ذاك نسأل عن الطريق و لا نصنعه، و لم لا نجتمع مع باقي شرائح المجتمع؟

نسمع دائماً عن مطالبات سياسية عن حقوق الجاليات، و حقوق البدون، لكن ما أراه أن المطالبات لحقوق الجاليات تأتي من داعي الشفقة، و حقوق البدون تأتي من البدون أنفسهم. و لكن لم تمر بين المجتمع الكويتي و غير الكويتي مرحلة تفاهم طبيعي حتى يتم رفعه إلى مطالبات رسمية، نحن ما زلنا لا نفهم من يعيش بيننا، لذا تكون عاطفة الشفقة نتيجة لا دافع للمعرفة في ما وراء الأمور

أتمنى أن تكون الصالونات الثقافية أكثر تنوعاً و ألا تقتصر على الكويتيين كبداية للتفاهم الفكري، فعندما يتسع الإدراك تتجلى بعض الحدود، و نتصور إلى أين نذهب



إهداء للقراء، اللي يعرف الأغنية عن شنو تتكلم أتمنى يشرح لي على شان ما أعتمد ترجمة عمي گوگل

عن الحب

قيس مهرج شفع له شعره، و روميو بعين شكسبير صار غزالاً. عندما يشتد في المرء حب، و هو ما ينتج تقليدياً -أو فطرياً- من حرمته، يقترن اسم ذكر بأنثى قرانا أسطورياً بقدر زيفه. فتخلدهما ذاكرة المعاصرين و أعقابهم معاً بينما يعيشان في واقعة فاتت تعيسان بعد دراما من الكبرياء و القرب و البعد. و هكذا يكون الخيال فكراً يعزي ما سبق باشتباه الحدوث، أو المعاودة المتغيرة

إن العزوف عن فعل الحب إلى التفكير أو التأمل فيه بشارة لارتقاء الإنسان، و لكن بعد حين يبدأ الإنسان يشخص أفكاره و يسميها، و يكاد يقارن فعل الحب معها. فالكمال إذن من صنع الإنسان، و يصف الإنسان حبيبه بالكمال. اقتران الإنسان بالمثال الفكري هو نسيج الأخلاق الذي يغزل من خيط مُتخيَل و آخر محسوس. نعم، هذا وصف مثالي لسير الأمور، و على حد ملاحظتي أن المثالية ليست رأياً عاما و لكنها نزعة إلى تعميم الرأي

تحويل المُثُل إلى أوصاف و أسماء لأشخاص عند العرب يدعو لدوام الشك في المعاني

و لا أقصد في العزوف عن فعل الحب اللافعل، فذلك كالفعل و قد يزيد تكلفاً عليه، إنما العزوف الكامل ما أقصد، بلا مقاومة لفعل، كالرهبنة و التصوف، و قد نستطيع القول أن أفعال الحب تعيش في فضاء من فكر الرهبنة و التصوف ما ابتعد الفكر عن الطقوس و الشعائر. أفعال الحب تعيش ثم تموت لكن الفكر يبقى و يخلد، و لذلك فنحن غالبا ما نرغب بآلة الزمن لاستعادة إحساس، لا لاستعادة فكرة

تصوير الحب، و لو كان في عين قيس و روميو لابد يظهر كالمهرج، لكنه مهرج كثيف بالصور -لا بالمشاعر- إلى حد لا يمكنه من مخاطبة أية حاسة من حواس الجسد، هو مخلوق للفكر و الذاكرة و الخيال، لأنه فعل لا يقترح مسايرة فكرية، فهو منفصل زمنياً عن الفكر و الذاكرة و الخيال، الفعل محفز لفكر مؤجل أو مقدم، قد يصدف و يلتقيان، مجاليهما متوازيين، و نتخيل جدليتهما

While reading Bergsonism by Gilles Deleuze.

سَنِيــّـة

أسماء العرب تحمل معاني، أغلبها أوصاف أو أفعال، لكننا نسمي أبناءنا على أحد أجدادنا، فنضيع بين المسمى عليه و الفعل الحاضر مع اسمه. بعد أن يسميك أبوك على اسم أحد يقص عليك حكاياته، أهو نوع من الحنين إذاً؟

بعض الملابس تسمينا، بألوانها ربما أو بثنياتها، لكن الدجاجة المسكينة سماها صاحبها سَنِيــّـة؛ على زوجته التي قتلها لأنها لم تحضر له العشاء. الدجاجة سنية الآن هي التي تحضر العشاء

العائلة بيئة غير منطقية، لا نستطيع أن نتفاعل معها إلا بالإيمان أو الفكاهة. التجاور مريح، التجاور نسبة، لكننا نفضل أن نعرف عن هذه النسبة من الهاتف، أو ربما من الطباخ

الأكل متعلق بالعاطفة، أما الملابس فهي متعلقة بالفكر، ربما، لكن كلها توضع في خزائن، ثلاجة، حقيبة، فرن، معدة أو كبت أو أي نوع من أنواع الخبز

و كانت الناس إذا أرادت التعارف ذهبت إلى أحد الفنادق، أو راسلت مجلة ماجد

الصوت، الآذان، الراديو، التلاوة، التسميع، الإنشاد، الغناء، المساسر، الصراخ، المناداة، اليباب، الخطبة، الولولة، التنويمة، الحكواتي، الصوت/الموسيقى فن العرب و الفن قوة. 

وصوف الكلام و السمع هي الأكثر دقة و تفصيلاً عند العرب

و صارت الناس إذا أرادت التعارف ذهبت إلى مجمع، أو إلى موقع دردشة عبر الإنترنت

يا حبة عيني يا سَنِيــّـة

Dwelling Kuwait: Area, Block, Street, House

Department of Architecture
College of Engineering and Petroleum
Kuwait University
ARCH 306 Architectural Design IV
Spring  2011

Date: Sunday April 24, 2011
Time: 1:00-4:00 pm
Place: KU School of Engineering - Khaldiya - Main Building - conference hall # 119 Next to Ahli Bank.

  Members of the panel:
a. Instructor: Dr. Mohammed Alajmi: announces the opening of the discussion
b. Round Table Moderator: Arch. Abdulatif Almishari: directs the questions and discussion, motivates interaction between panelists and audience.
c. Round Table Participants:
- Eng. Ashwaq Almudhaf – Municipal Council Member
- Arch Nasser Khuraibut – Public Authority for Housing Welfare
- Eng. Nizar Alsayegh – Municipality – VP Kuwait Master Plan
- Dr. Nasser Abulhasan – Architect
- Dr. Aseel Alraqum - KU department of architecture.


About:
Whether you are flying over Kuwait, or looking at an aerial map of the country or experiencing it by driving on one of its radial or ring roads you can’t not notice the amalgamations of eclectic residential blocks and residences adorning either side of the expansive freeways. Residential areas and housing in general constitutes the majority of the metropolitan area in the country. Other mono-programmed areas designated for singular uses such as governmental, commercial, industrial, health and educational constitute a miniscule percentage of the total built up area. This sea of privately owned dwellings has numerous potent effects on inhabitants’ behaviors on the micro scale and on the country’s identity on the macro scale.

This sea of eclectic housing is a result of intricate and bold planning decisions. The master planning of modern day Kuwait was as much an endeavor in wealth distribution as it was a spatial enterprise. A physical plan had to act as a vehicle for systematic distribution of oil revenues though the proper supplementation of health, education and housing programs. As a result of the British planning milieu at the time and its dominancy, New Town Planning principles were adopted as tools of intervention and the further expansion of the country.

The motivations of the early residential blocks were very valiant and clear. Stemming from the theories and principals of Ebenezer Howard and the Garden City model, the new residential areas where self sufficient clusters that catered to the latest advances in technology and the social-sciences. Accommodating for the latest mode of transportation, the car, and providing the most advanced services from health to education, the blocks were successful in not only providing shelter for inhabitants but in transforming generations of Kuwaitis to allow them to be at the forefront of development. The planning of residential blocks addressed social and cultural issues as much as it addressed the physical allocation of buildings and areas. Providing housing was much more than just providing shelter, housing distribution became one of the main facilitators in transforming the country from a small merchants’ entrepot to a world-class capital.

According to the Public Authority of Housing Welfare in Kuwait, the need for housing has escalated tremendously in the past years paralleling the increase in population in the country. In the next 7 years, PAHW plans to build the same amount of housing it supplied in the past 35 years. These efforts have resulted in the planning and preliminary execution of mega residential areas that include projects such as Sabah Alahmed City, Khiran City, and Almutlaa. What are the motivations of these developments, how are they instrumental in transforming societies, how do they aid in providing the latest knowledge and well-being to their inhabitants? Is the block in need of re-thinking?

المقامة السندويشية

هي مقامة عجيبة للمرحوم محمود بيرم التونسي ١٨٩٣-١٩٦١ رواها عنه مصطفى حمام و قد نقلتها لكم هنا من مقال د.يعقوب يوسف الغنيم في جريدة الوطن


و جدير بالذكر أن السندويش كان من جديد الأطعمة في الحين الذي قيلت فيه هذه المقامة

حدثنا حزنبل ابن حَبَشْتَقَان، قال: بؤساً للشيخ الذي لا يعرف من العلم إلا المنطق وفضوله، والفقه وأصوله، والنحو وفصوله، ولا يعرف من الدين إلا يوم القيامة، ولا من الدنيا إلا كوم الشيخ سلامة، ووالله ما رأى حسناً أحسن من الطبيخ، ولا لذيذاً ألذ من الفسيخ، ولا حلواً أحلى من البطيخ، ولا عجيبا أعجب من الصواريخ.
وإذا كنتُ بين داري ودرسي
ساعياً كل ليلة ونهارِ
والذي كنت فيه أرجع فيه
أي فرقٍ بيني وبين الحمارِ

قال صاحبي أمين أفندي، وجعل يسهر كل ليلة عندي، وشفيق هذا لا يصاحب الشيوخ، إلا إنه يحترمني ويمسح لي جوخ، لأني أشرح له معنى الكلام ولُبابه، وأكشف بالنحو خطأه وصوابه.
جاءني شفيق ذات يوم يقول: قم فاستنشط، وذقنك فمشط، وجبتك فالبس، وعمتلك فاكبس، فسآخذك إلى حفلة راقصة، وليلة أنس هائصة، لتعرف مجاري المياه، وترى كيف تكون الحياة، قلت ما كنا من أهل النقص، حتى نذهب إلى حفلة رقص، أو ترقص أنت أيضاً؟ قال: وأفيض في الرقص فيضا، فقمت فلبست جبّتي التي لونها «كموني، وقفطاني الذي أرضيته خضراء وخطوطه زيتوني، وتعطرت من القدم إلى الدُّماغ، وركبنا عربة بخمس عشر قرش صاغ، فلما وصلنا إلى الحارة، لم نجد على المنزل دليلاً ولا إشارة، قلت لقد خدعني المنافق، ولا غرو فهو خليع فاسق، ثم قال ادخل، فرأيت الأنوار والعه، والنساء قالعه، ورجالاً عراة الرؤوس، وسجاجيد عليها ندوس، وماهي للجلوس، وبساطاً تغوص فيه الأقدام، ووسائد حَشْوُها من ريش النعام، وأطباقا فيها فطير، وأخرى فيها جرجير، ما هي إلا رجعة النظر، حتى انتظم من العقد ما انتثر، وتأبط كلَّ أنثى ذكر، واصطحبتْ كلُّ شمس بقمر، وبين الآهات والأنات، قل معي على هذه النغمات

يا صاح وحقّك ليس على من رام المرقص من حرج
الرقص نعيم العُمْر فَقُمْ وادخل للمرقص واندمج
جمعوا الفتياتِ مع الفتيان فيا للأمر المُنْبَهج
ما كاد مغنّي القوم يدق الدُّف بلحن منه شَج
حتى انخرطت وَحَداتهو ثم ازدوجت بالمزدَوجِ
رجل وخليلُته التصًقا بصدور العز وبالمهج
فعلى كتفيه معاصمها ويداه بخصر ذي عوج
وخُطى الأقدام موقْعة بالرقص على نظم الهزج
وَرَوَاحُهُما ومجيئهما في النَّهْج على أرقى نهج
طورا كالصاعد في درج أو كالمنحط من الدرج
فإذا انجذبت فلمنجذب وإذا اختلجت فلمختلج
وإذا نقلت قدما رفعت قدماً والرفع بلا عرج
وأساورهم وخواتمهم خطفت عينيّ من الوهج
والقوم تموج الأرض بهم مما هم فيه من الهرج
وفقيه اللّه على حدةٍ ثملٌ بالشوق المعتلج
في الركن يُرَقِّص لحيته وتروح عمامته وتجي

قال: وسكتت الموسيقى على غفلة، وهدأ ضجيج الحفلة، فجاءني صاحبي يقول: «إنْ فاتك الرقص والتحبيش، فلا يفوتنك السندويش، قال هذا وأتاني بطبق، فلا والله ما الكشك بالأرانب، ولا الضأن في كل فخذ وجانب، ولا الملوخية بالفراخ، ولا اللحم في الأسباخ، ببالغةٍ طعمه، ولا تساوي فيه لقمة، ولقد أكلت منه قطعة، ثم أسعفتها بتسعة، وجعل الحفل يسمر ويطرب، وجعلت آكل وأشرب، إلى أن جاء صاحب البيت المسماح، فقال: يا صاح، هل لك أن تصف هذا الحفل بأبيات، أو تنشئ فيه قليلاً من الكلمات، فقلت
إذا كنت معتزمًا أن تعيشا
فجانب رعاع الورى والوحوشا
ولا تأكل الكشك والحندويل
وقاطع بشارتهم والدشيشا
فأم الخلول تُطيش العقول
وما يرتضي عاقل أن يطيشا
ولله دَرُّك من حفلة
وَدَرّ الذي أطعم السندويشا
فإن ترقصوا فابعثوا لي رسولاً
ولو كان هذا الرسول الشاويشا

حيوان إنسان معدة منطاد

الله مضر، الشيطان يوسوس، و النفس أمارة بالسوء، و الإنسان خَلْق من طبيعة و طبع من خُلُق، يستعير الصور ليفهم، كما يحس بالمادة ليؤمن.

عندما تعلمت أن القلم سلاح، بدأت به أزخرف الأنداد، ثم صار القلم يشهق روحي ليزفرها ريحاً عجيبة، فإما يكون قتالاً رائعا تتوهج به الدماء داخل الجسد، أو يكون الند محض نفّاخة؛ تحبس الهواء حتى تنفجر أو تذبل، و كلاهما موت. و إما ينفخها ناراً مقدسة، نورها أسطورة سماوية تبشر بدين التوحيد، أو تكون محرقة؛ تحترق بها الروح ليطير الند منطاداً.

أو معدة معتدة تظن المعاني مادة تؤكل لتشبع و تعيش و تكبر.

الله مضر، الشيطان يوسوس، و النفس أمارة بالسوء. الكون مجبول على الشر، لذلك كانت الأخلاق، و هي على لسان الحيوانات أوقع، لأن خُلُقها طبيعة، و هي لا تسبب الغريزة، فسلوكها طاهر من دناسة العقل.

لكن الأخلاق عند الإنسان تعارض طبيعته، و معارضة الطبيعة لا تعني مقاومتها و لكن مقاومة غايتها، و عليه فليس من الأخلاق ألا تأكل و لكن من الأخلاق ألا تأكل حتى الشبع.

إن متباينة الإنسان و الحيوان في مسألة الأخلاق تظهر في الصراع، و الصراع مجال تتحرك به متناظرات الحياة لتكون العلاقات و تصير. و لأن الأخلاق عند الحيوان طبيعة، يمتاز الإنسان عن الحيوان بمتناظرة الخير و الشر؛ الخير مشتق الأخلاق، و الشر مشتق المصلحة. و مقياس الحكم هو المعروف و المنكر.

و في حال تغيير الأحكام يثور الإنسان و يغزو غيره للبقاء لكن الحيوانات تهاجر و تأكل للبقاء، و يشهق الإنسان و يزفر لكن تنتفخ المناطيد و تطير. فالمعروف و المنكر عند الإنسان بالذات كمؤشر الزمن، أبداً في تغير. و لما يكون الحيوان الأقصى خُلُقا، تكون السطوح و الأشياء و المصنوعات الأقصى طبيعة، أما الإنسان فهو البعد بينهما.

و هكذا أقيس الإنسانية حتى إشعار آخر.